أضحت السمة السائدة اليوم في معظم المجتمعات هى تغليب السوء عن الحسن من الظن وهذه المسألة في حد ذاتـها سبباً قوياً ومباشراً لإشعال نار الفتنة الفرقة بين الأخوة علي مستوي الأسرة الضيق مكاناً والكبير إرتباطاً ، فكيف به بين أبناء المنطقة بعضهم البعض , وكيف به بين أبناء منطقة وأخري ؟ 0
ومما لا شك فيه أن هكــذا وضع ، لابد أن يكون مبنياً على منفعة ومصلحة ما , ويكون وراءها فرد من أفراد الأسرة أو جماعة بالمنطقة أو جماعات بمناطق أخر ، ففي الأسرة الواحدة يعود السبب في ذلك الي عدم الإتفاق في التوجهات ، أو الشعور بالظلم والتهميش وغيرها من المشاكل الأسرية التي لا حصر لها , أما علي مستوي الجماعة بمنطقة ما , أو الجماعات بمناطق أخري فإن ذلك لا يخرج بأي حال من الأحوال عن دائرة المصلحة الخاصة المحضة ، والتجارب والأدلة علي ذلك ما أكثرها ولا يسع المجال لسردها 0
إن من المتفق عليه من غير لبس أو تدليس , أن لكل فرد داخل أي مجموعة من المجموعات التي تشكل هذه المجتمعات (أين ما كانت) لابد أن يكون الفرد فيها حراً في فكره وطرحه وتوجهه , وله رؤيته ونهجه في سبيل تحقيق ذلك بضمان وجود المساحة الكافية من حرية التعبير وأبداء الرأي ، من غير قيود أو تبعية إلا مع من يشايعه التوجه والطرح بذات الرؤية والمنهجية , وفي مقابل ذلك ، ومن غير لبس أو تدليس , ومن دون مكابرة وتعنت ، لابد من القبول والإعترف بحتمية الرأي الآخر 0
إن الإتفاق علي المبادئ والأساسيات من الضروريات والأولويات وللوصول أليها يجب أن تكون الخطي بثبات وعلي الطريق القويم , وعلي كل من يريد أن يسلك هذا الطريق القويم , أو ليصل من خلاله أو عبره الي تحقيق هدف , فلابد من أن يتبني منطق الحوار ثم الحوار , حيث من خلاله ترتسم معالم تحقيق الهدف , ومن خلاله أوعبره تتوفر دلالات حسن النوايا , حيث يجب في (المقام الأول) أن يكون المُحَاوِِر والمُتَحَاوَر مؤدباً ، لأن الأدب يعنى النقاش الثر الهادف البناء , البعيد عن العصبية والإرتجال , وبإحترام متبادل وفي إلفة وتوادد ، والأدب يعنى التحلى بالأخلاق لأنـها من أولي مقومات بناء الشعوب والأمم ، والأدب يعني الرقي والسماحة ، والأدب يشرح الصدر ويئد الغل ، وبالأدب تكون للأمة مكانتـها التي تليق بـها , وبالأدب يعلو شأنـها وترتقي أعلي مراتب الرفعــة والتقدم , وتعضد من خلاله هيبتها , وما الأدب إلا الوقار ، وما الوقار إلا دلالة من دلالات الإيمان , وما من مؤمن إلا وكان الإيثار صفة من صفاته , فما من مجتمع إتسم بسماحة الخلق وتمسك بالقيم والآداب وثقة بالنفس , إلا وكان لقاء أفراده علي المحبة والتسامح , وحوارهم بالتي هي أحسن , وسعة الصدر ورحابته سمتهم , وأن الإتزان والحكمة والعقلانية ديدنهم , والحجة بالبرهان والدليل الحق , لا التهجم والتهكم , والفصاحة والبلاغة أسلوبهم , ليس السب والشتم , مجتمع لا تغيب فيه الرؤيا الثاقبة , ولم يُتناسي أو يُتجاهل فيه التخطيط السليم , مجتمع غني وجدير بكفاءة أبنائه وبناته , وبأمانة وصدق نواياهم , إلا وكان إستثمارهم في الوقت والعمل موفقاً ومرهوناً بكل النجاحات 0
والحكمة تقول : إذا أحسنت القول فأحسن الفعل ليجتمع معك مزية اللسان وثمرة الإحسان 0
والحمد لله حمداً دائماً كما يليق بجلال وجهه الكريم وعظيم سلطانه عدد ماكان وعدد ما سيكون , حمداً به نلزم طاعته , ونأمل رضاءه , وبه نظفر بتوبته وغفرانه , وننال الأجر والثواب وسعادة الدارين , وصلي الله علي نبينا محمداً وعلي أهله وأصحابه أجمعين 0